لا أعرف.. الهاوية
كنت أقرأ مؤخرا في كتاب الحياة السائلة لزيجمونت باومان.. ولم أجاوز المقدمة التي قدمتها الدكتورة هبة رؤوف عزت حفظها الله.
كان من ضمن مالخصته من الكتاب في المقدمة حالة اللايقين التي يعيشها الإنسان المعاصر والتي تجعله سائل الفكر والهوية والمعنى لايرتبط بشيء ارتباطا حقيقيا وثيقا..
وبينما كنت أفكر في سؤال ما سألته نفسي وجدتها تهرب مباشرة إلى الإجابة بلا أعرف.. لاوية فمها حيرة واضطرابا مع برود غريب ولامبالاة مثيرة الاستفزاز وعجلة غير محمودة..ودون تفكير
لا أعرف هذه.. التي تعني بوجه آخر لا أريد أن أعرف ولا أحب أن أعرف.. لأني لا أريد أن أتحمل مسؤولية هذه المعرفة ولا أريد أن أعمل وفقا لها…
لا أعرف هذه التي يزينها لي الشيطان بأنها كلمة العلماء الأتقياء والعارفين الكبار..
والحقيقة أن هذا من الزور إذ العالمون هم الذين تعلموا وعلموا وفكروا وتفكروا وبحثوا واجتهدوا حتى وصلوا إلى حد وجدوا فيه أنهم لا يعلمون كل شيء وآمنوا أنه “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”
أما لا أعرف هذه التي نقولها .. هي لا أعرف الجاهلين الذين لا يريدون أن يعرفوا ولا يبالون بعواقب أن لا يعرفوا..
هي لا أعرف العمى والجهالة والغفلة واللايقين والاستمتاع باللايقين والتأرجح بين الأهواء والتناقضات والركون إلى اللذة المتوهمة وراحة الجهل.
ولا أعرف هذه… قد يكون معناها ربما أعرف ولكن لا أريد أن أعرف أني أعرف.. لأن هذا بدوره أيضا قد يكون مؤلما أو قاسيا أو يخالف صنما من أصنام نفسي وحاشى أن أخالفه.