أصعب وظيفة على وجه الأرض

أصعب وظيفة وعمل في الحياة هو الدّعوة إلى اللّه والتعليم وقيادة البشر عموما… لأنه لا يخضع لقوانين مادية ثابتة الأسباب فيها تؤدي إلى النتائج بنسبة كبيرة دائما.. 
ففي الفيزياء والهندسة والطب ثم طرق وأسباب تؤدي إلى نتائج معينة.. ثمة أشياء تدل على أشياء بوضوح كبير.. 
أما في الدعوة والتعامل مع الإنسان عموما.. ثمة غموض كثيف لا تجليه إلّا آي القرآن.. 
ومع ذلك الله سبحانه يقول لنبيه :”إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى” 
أنت لا تعلم يقينا من سيضل ومن سيهتدي وماعليك إلّا البلاغ! أي مهمة أشق وأصعب من مهمة لا نتائج فيها مضمونة! 
أي مهمة قام بها الأنبياء بأن بذلوا كل ما بوسعهم لينقذوا أناسا من النار والعذاب فلم يجدوا ما أرادوا! 
{فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} 
أي ألم أشد من ألم بخع النفس على شيء لا طاقة لك به! 
ترى كيف تحمل النبي الذي يأتي يوم القيامة وليس معه أحد كل آلام الغربة وانعدام النتائج الملموسة!

أنا شخصيا أعمل كصيدلي وأصرف دواء بدون وصفة أحياناً ولا أعلم بنتيجة الدواء مافعل بالمريض في أكثر الأحيان فأجد في نفسي ما أجد!
فكيف بداعية أو معلم خاصة في أول أمره لا يجد ثمار مايفعل!

هنا يتبين لك سرّ ضحك النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل موته حين رأى سيدنا أبا بكر يصلي بالناس:
أَخْبَرَنِي أنَسُ بنُ مَالِكٍ الأنْصَارِيُّ – وكانَ تَبِعَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وخَدَمَهُ وصَحِبَهُ – أنَّ أبَا بَكْرٍ كانَ يُصَلِّي لهمْ في وجَعِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، حتَّى إذَا كانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وهُمْ صُفُوفٌ في الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِتْرَ الحُجْرَةِ يَنْظُرُ إلَيْنَا وهو قَائِمٌ كَأنَّ وجْهَهُ ورَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الفَرَحِ برُؤْيَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَنَكَصَ أبو بَكْرٍ علَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وظَنَّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَارِجٌ إلى الصَّلَاةِ فأشَارَ إلَيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ أتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِن يَومِهِ. [1]

[1]البخاري 1205.

Continue Reading